دخلنا مرحلة اختيار رئيس الوزراء، والكلمة الأشهر في هذه الفترة هي: "اختيار رئيس الوزراء من اختصاصات الأمير"، وأصدق ما يمكن إطلاقه على هذه العبارة هي أنها "كلمة حق يُراد بها باطل" !
فهذه الكلمة يُساء استعمالها، حيث يُرفض بسببها التحدث عن أي شرط أو ضابط لاختيار الرئيس، وأصبح البعض يتطرف إلى درجة منع أي نقد يُوجه لرئيس الوزراء بحجة أنه خيار الأمير!!
لا شك عندي أن هذا المسلك هو سبب حالة "التخبط الساسي" التي تعيشها البلد!
حول هذه الأفكار كتب الأستاذ المحامي فيصل اليحيى مقالا نفيسا يُسلط الضوء على ضوابط اختيار رئيس الوزراء ..
أتمنى قراءته بعناية ..
(قبل تعيين الرئيس)
الآن وبعد أن وضعت الانتخابات أوزارها، وظهرت نتائجها، وقال الشعب كلمته فيها، تدور الأحاديث والتكهنات عن منصب رئيس مجلس الوزراء.
ولا شك بأن قرار تعيين رئيس مجلس الوزراء هو حق للأمير، ولا شك أيضا بأن هذا الحق ليس مطلقا باعتبار أن:"لكل حق مهما كان نوعه شروط وضوابط لا يجوز إغفالها... ولعل أهمها بأن يكون منضبطا بإطاره القانوني السليم، وملتزما بروح المسئولية ومحققا لغاية وطنية..." وفقا لما جاء بخطاب الحل.
ومن هنا كان هذا الحق مقيد بجملة من الضوابط الشكلية والموضوعية المنصوص عليها بالدستور والمستفادة من روحه.
وأول هذه الضوابط هي أن تتمثل في الشخص الذي يتم اختياره معاني القسم المنصوص عليه بالمادة (60) من الدستور والذي يؤديه الأمير قبل ممارسته لصلاحياته باحترام الدستور وقوانين الدولة، والذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وصون استقلال الوطن وسلامة أراضيه.
وعليه يسقط من دائرة الاختيار من سعى للإنقلاب على الدستور أو تفريغه من محتواه، أو من تدور حوله شبهات (مجرد شبهات) التعدي على الأموال العامة وتبديدها، أو من سعى في توجيه الرأي العام بإعلام فاسد أو بشرائه للذمم (سواء نقدا أو بشيكات) ليحافظ على مصلحته على حساب مصلحة الشعب.
كما يسقط من دائرة الاختيار ـ تحقيقا لمقتضيات القسم ـ الضعيف فاقد الأمانة الذي لا يمتلك رؤية ولا خطة، والذي لا يحسن اختيار ولا قيادة فريقه الوزاري من رجال الدولة، والعاجز عن الدفاع عن نفسه وعن قراراته، ولا سبيل له إلا الهروب عن تحمل مسئولياته إما بالتراجع عنها أو بالاستقالة أو بالسعي لحل مجلس الأمة.
أما الضابط الآخر فهو ألا يتم تعيين رئيس مجلس الوزراء إلا بعد اجراء المشاورات التقليدية التي نصت عليها المادة (56) من الدستور وبينتها المذكرة التفسيرية بأنها:"المشاورات التي يستطلع بموجبها رئيس الدولة وجهة نظر الشخصيات السياسية صاحبة الرأي في البلاد وفي مقدمتها، رئيس مجلس الأمة ورؤساء الجماعات السياسية، ورؤساء الوزراء السابقين الذين يرى رئيس الدولة من المفيد أن يستطلع رأيهم، ومن إليهم من أصحاب الرأي السياسي."
فهذه المشاورات من ناحية غير قاصرة على رؤساء مجالس الأمة السابقين كما جرى عليه العمل طوال الفترات السابقة، وهي من ناحية أخرى ملزمة بنص الدستور، ولا معنى لهذا الإلزام إن لم يكن لها أثر في اختيار الرئيس، الذي يبقى قرار تعيينه بيد الأمير.
ولا يُحضر ـ ولا يجب أن يحضر ـ في هذه المشاورات تداول الأسماء، بل إن أساس هذه المشاورات وطبيعتها تقتضي أن يرشح أهل الرأي للأمير من الأشخاص من يرونه أهلا لتولي هذه المنصب ليعينوه على حسن الاختيار.
فضلا عن أن رئاسة مجلس الوزراء يجب ألا تكون حكرا على فئة معينة أو شريحة بذاتها أو عائلة دون سواها، لأن في هذا الاحتكار تضييق لدائرة الاختيار واستبعاد للعديد من العناصر المؤهله لتولي هذا المنصب باعتباره ـ شأنه شأن باقي المناصب الإدارية والسياسية بالدولة ـ يجب ألا يكون قاصرا إلا على الكفاءات والكفاءات وحدهم دون سواهم.
ومبتدأ القول ومنتهاه في أمر منصب رئيس مجلس الوزراء هو أن حق الأمير في تعيينه لا يحجب دور الأمة في اختياره، فهذا ليس حقا لها فحسب، بل هو واجب عليها، ولا يمكن أن يكون في ممارسة الأمة لواجبها افتئات على حق الأمير.
والغريب أن ينكر البعض على الأمة هذا الحق وذلك الواجب وهي صاحبة السيادة ومصدر السلطات، وباعتبار أن هذا المنصب يتعلق برئاسة أخطر هذه السلطات في البلد وهي مجلس الوزراء المهيمن على مصالح الدولة والذي يرسم السياسة العامة للحكومة بنص الدستور، أي الذي يتعلق فيه حاضر الأمة ومستقبلها ومستقبل أجيالها.
وفي الختام نقول إن التأزيم لا يأتي في (انتخاب) الشعب لنواب يصرون على استخدام حقهم في الرقابه على الأداء الحكومي السيئ وفي التحقيق في شبهات الفساد والتعدي على المال العام الثابته بتقارير الأجهزة الرسمية للدولة فهذا واجبهم تجاه الشعب وحق الشعب عليهم، إنما التأزيم هو في (تعيين) من كان سببا في تردي الأداء وتفشي الفساد."
كتبه المحامي: فيصل صالح اليحيى
المقال نشر في جريدة الآن
تحياتي
بوسند
هناك 3 تعليقات:
بعد قرائتي للضوابط التي وضعها اليحيى في أول المقال أحسسن بعدم وجود من يغطي هذا المنصب في الوقت الحالي
لكنه وضع الحل وأشار للأمل بقوله:
رئاسة مجلس الوزراء يجب ألا تكون حكرا على فئة معينة أو شريحة بذاتها أو عائلة دون سواها
كلامه عين العقل .. ونتمنى أن لا يكون هناك تسرع في هذا الإختيار .. فهو سيحدد خارطه طريقنا في السنين المقبله
والله يعين من يقع عليه الاختيار على هذا التكليف الصعب
وليضع قول الحبيب محمد نصب عينه :( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .....)
كل ناصر المحمد و انتم بخير :)
مقال في الصميم
كويتي بلوغر ..
الكويت مليئة بالطاقات القادرة على شغر هذا المنصب ..
تحياتي لك
:::::::::::::::::::
الملكة
ونارٌ لو نفخت بها أضاءت *** ولكن أنت تنفخ في رماد
لقد أسمعت لو ناديت حيا*** ولكن لا حياة لمن تنادي
شكرا لك
إرسال تعليق